السرعة والسياسة- من ثورة الشارع إلى الحق في الدولة | بول فيريليو

السرعة والسياسة- من ثورة الشارع إلى الحق في الدولة 

الكاتب: الفيلسوف الفرنسي بول فيريليو 
قراءة وتلخيص: محمد فتاح السامعي 
تنسيق: محمد طاهر الهمداني

 تقوم فكرة الكتاب الرئيسية على إيضاح أهمية السرعة في إحراز النصر والتفوق السياسي والعسكري ،فكلما تزاديت سرعة وسائل النقل والإتصال تقلصت أهمية المكان والزمان ،فالسرعة حسب  الكاتب أصبحت هي مولدة السلطة فعلى مدى التاريخ كان الأسرع هو الأكثر سلطة ،وكل من أمتلك وسائل ومعدات أسرع زاد نفوذه وازدادت ثروته،وهو بتصوره هذا قام بتأليف مصطلحات جديدة أسماها "الدرومولوجيا،أي علم السرعة " و " الدروموقراطية،أي سلطة السرعة " و "الاستيطان السائل " لتشكل هذه المفاهيم مجتمعة ظاهرة الحرب باعتبارها التجلي الأساسي للعلاقة الجدلية بين السلطة والسرعة والثورة. 

وهو يتنقل بين مراحل تطور المجتمع الذي تطور معه الحرب أيضا فمن الحروب البدائية التي ركزت على الجانب التكتيكي، إلى مرحلة الاستراتيجيا(أي مرحلة الفكر والاعداد المسبق للمعارك) مع نشوء المدينة والسلطة السياسية، ثم انتهاء مرحلة الاستراتيجيا  والدخول في مرحلة اللوجستيك وهي مرحلتنا الحالية منذ بداية تطور وسائل النقل والاتصال وظهور الأسلحة البالستية والنووية.

هذا التطور الضخم حدث بفضل تطور علم السرعة، ولكن نتائجه كانت مدمرة للإنسان والبشرية. 

الفصل الأول:من الحق في الشارع إلى الحق في الدولة 

يتحدث الكاتب في هذا الفصل عن دور  الحشود الهائجة والمتمردة باعتبارها مولدة السرعة في كل الثورات حين تحتل الميادين والطرقات، ففي سنة 1848 لاحظ انجلز  أن أولى التجمعات الثورية حصلت وسط الشوارع الكبرى لمدينة باريس حيث تضطرب الحركة أيما اضطراب، وبعد أقل من قرن لاحظ فيبر أن اختفاء روزا لوكمسبورغ وكارل ليبكنخنت بدا وكأنه نتيجة تصادم واشتباك في الطريق، فكتب بشأن موتهما، لقد تناديا إلى الشارع فابتلعهما، وفي سنة 1931 كتب جوبلز " من يستطيع السيطرة على الشارع يسيطر من الآن نفسه على الدولة " 

ثم يشير ان المقولة التاريخية " كل ثورة لا تقوم الا في المدينة" هي لا تعني حرفيا المقارنة بين المدينة والريف، بل بين السكون والحركة ،باعتبار  أنه لا يوجد في المدينة سوى الاستيطان السائل.

وخلاصة الفصل أن سلطة الدولة السياسية الفعلية هي مدينة وشرطة، اي مركز تحكم في المواصلات.

الفصل الثاني: من الحق في الطريق إلى الحق في الدولة 

يتحدث الكاتب في هذا الفصل على دور الطريق في قانون سلطة السرعة، فمن يمتلك الشارع يمتلك السلطة لذلك تقوم الدولة الحديثة بتفريغ الشارع،  ،ففي الثورة الفرنسية تم إيهام الثوار بعد انتصارها أن مجال الثورة أصبح  بعيدا في اللامكان واللازمان ،أما النازية فبعد انتصارها قامت بتوجيه العمال الألمان نحو التمتع بالرياضة والتنقل فلم يعد هناك مجال للشغب، إذ يكفي إفراغ الشارع وجعل الطريق هبة للجميع، ذلك هو الهدف السياسي من صنع سيارة الفولكسفاجن، وكذلك فعلت امريكا بإغراق الشارع بالسيارات أثناء أزمة الثلاثينات،ومثلها استغلت الدول الشيوعية الاشتراكية كل قوانين الحركة في الاستعراضات العسكرية ومعسكرات الاحتجاز والنفي. 

الفصل الثالث: من الحق في الفضاء الى الحق في الدولة 

يتحدث هذا الفصل عن استراتيجية المواجهة الغير مباشرة وهي الحق في السيطرة على الجو والبحر ،فقد كان المارشال غورينج يخاطب الألمان  " ينبغي على كل ألماني أن يتعلم الطيران، فالإنسان خلق حرا طليقا كالطير " ومع احساس هتلر بالهزيمة قال مخاطبا القائد العسكري دورنبرغر المسؤول عن برنامج الصواريخ " لو وثقت في جهدك، لم نكن لنحتاج إلى الحرب أصلا " 

وقد هزم الانجليز هتلر كما هزموا من قبله نابليون ،لأنهم تخلوا عن المبدأ العسكري الكارثي مبدأ مواجهة العدو حال ظهوره أو الاقتراب منه، واعتمدوا على أسطول الردع البحري كخطة لوجستية  ،أسطول مخفي بامكانه مهاجمة العدو انى وأين شاء.

تمثل هذه الإستراتيجية احياءا للرأسمالية، فهي ليست أكثر من تفوق تقني تم بموجبه التخلي عن الحرب البرية لتصبح برمائية تمارس الحرب الشاملة في البحر وفي المستعمرات. 

ثم يذهب الكاتب إلى ايضاح التسابق المحموم في تصنيع المركبات، وأن الإنسانية بسبب هذا التسابق تنقسم إلى قسمين الشعوب المتفائلة وهي الشعوب الغربية التي تفتح مدخراتها من السرعة باب الممكن، والشعوب المحبطة المشلولة الحركة بفعل تخلف معداتها التقنية ومحكوم عليها أن تعيش في عالم محدود.

الفصل الرابع: الحرب العملية  

يتحدث الكاتب في هذا الفصل عن الحروب الشاملة التي يتم اعداد البنية التحتية لها ،وإعادة تهيئة العالم لميدان المعركة القادمة. 

الفصول الأخيرة 

يسهب الكاتب في الفصول الأخيرة في شرح الآثار السلبية المترتبة على تطور سلطة السرعة والتسابق المحموم في انتاج الأسلحة النووية والتهيئة لحروب شاملة سيفقد فيها الإنسان إرادته، ويفقد الأمن بكل معانيه، وانتهاء دكتاتورية البروليتاريا ونهاية التاريخ بفعل حروب الوقت، وحالة الطوارئ التي نعيشها بسبب الأسلحة التدميرية وانعدام اي فعل سياسي حقيقي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فن الحرب | سون تزو

فن العيش الحكيم | شوبنهاور

الإنسان والبحث عن المعنى | فيكتور فرانكل