كيف يكسب الضعفاء الحروب | إيفان اريغون-توفت

كيف يكسب الضعفاء الحروب 

نظرية عن النزاعات الغير متكافئة  للكاتب الأمريكي إيفان اريغون-توفت
عرض : محمد فتاح السامعي 
تنسيق: محمد طاهر الهمداني

 هذا الكتاب مهم للمهتمين في العلاقات الدولية، وصانعي السياسيات الذين ينخرطون في الحروب الداخلية والأهلية سواءا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وهو يحاول الإجابة على لغز كيف يكسب الضعفاء الحروب من خلال استخدام التحليلات والإحصائيات العميقة في النزاعات بين الأطراف غير المتكافئة تاريخيا ومنذ مائتي عام حتى الآن ،والكاتب يطرح فرضيته التي سماها تفاعل الإستراتيجيات لتفسير انتصار الطرف الضعيف بالحرب الغير متكافئة. 

يبدأ الكاتب في الفصل الأول في سرد ونقد الفرضيات السابقة التي تم طرحها لتحليل النصر والهزيمة في الصراعات والحروب الغير متكافئة .

حسب النظرية الواقعية للعلاقات الدولية، فالقوي يفعل ما يشاء  ،فالصلة بين القوة ونتائج الصراع أصبحت المبدأ الجذري لهذه النظرية ،وبالقاء النظر على جميع الحروب غير المتكافئة التي وقعت منذ عام 1800 نجد أن هذا الادعاء صحيح إلى حد ما اي ان النصر دوما للطرف القوي ،ولكن سجل جميع النزاعات الغير متكافئة منذ عام 1816 يوضح أن الأطراف القوية كانت تخسر النزاعات أكثر وأكثر  مع مرور الوقت ،فخلال فترة الخمسين السنة الأخيرة من عام 1950 إلى عام 1999 كانت الأطراف القوية قد انتصرت فقط بنسبة 48.8% من جميع النزاعات الغير متكافئة ،ما الذي يفسر ذلك؟ 

التفسير الأول: طبيعة الطرف

اول الطرق لشرح ذلك التي أوردها الباحثين  هي عن طريق المجادلة حول(طبيعة الطرف) أي  أن الأطراف المستبدة تخوض حروبها بشكل أفضل من الأطراف الديمقراطية، بسبب امتلاكها لسمات رئيسية فالسلطة مقيدة بشخص واحد او مجموعة صغيرة من الأشخاص، وتحكم صارم على حصول العامة على المعلومة، وعقوبات انتقاد ممارساتها. 

لكن الكاتب يوضح مشاكل هذا الجدال بعدة نقاط منها، ان اكثر الأنظمة الديمقراطية تصبح محافظة وقت الحرب وتحد العديد من الحريات المدنية ومثال على ذلك ما فعلت امريكا باليابانيين الأمريكيين عام 1941 ,في حين تصبح الأنظمة المستبدة أكثر تحررا بسبب الضغط ويعتبر إعادة تأهيل ستالين للكنيسة الارثذوكسية مثالا كلاسيكيا على ذلك. 

لذا فقد يقدم الجدال المتعلق بطبيعة الطرف نظرة مهمة في أسباب فشل الطرف القوي ،إلا أنه لا يعتبر تفسير عام معقول التي تجعل الأطراف القوية تخسر النزاعات الغير متكافئة. 

التفسير الثاني: إنتشار الأسلحة 

التفسير الثاني لفشل الطرف القوي يبدأ بملاحظة النزعة التي تصاعدت بعد الحرب العالمية الثانية، فخلال الحرب جاهدت قوات الحلفاء وقوات المحور لكي يهزم كل واحد منهما في دول العالم النامية، لذلك قام كلا الطرفين بشحن وتوزيع الأسلحة المتطورة صغيرة الحجم نوعا ما ،وعندما عادت هذه القوات الاستعمارية بعد الحرب الى مستعمراتها ووجهت بشراسة من قبل أولئك الجنود المدربين والأسلحة المتوفرة. وكانت التكاليف ضخمة فشلت في توقعها القوات الاستعمارية مما أدى بها للهزيمة.

يقول الكاتب ان إنتشار الأسلحة يوفر بشكل واضح شرحا جذريا للنزعة تجاه زيادة حالات الفشل عند الأطراف القوية بعد الحرب العالمية الثانية، لكنه لن يشكل شرحا عاما صحيحا لتفسير نتائج الاشتباكات الغير متساوية. 

التفسير الثالث: إختلاف المصالح 

هذا التفسير قدمه اندرو جي اى ماكس ويستند على ثلاثة عناصر 

1-القوى النسبية تفسر مصالح نسبية 

2 - المصالح النسبية تفسر مدى ضعف الأنظمة السياسية النسبي

3-مدى ضعف الانظمة السياسية النسبي يفسر لماذا خسرت القوى العظمى. 

وتبعا لهذا المنطق فإن لدى القوى العظمى منفعة أقل من نتائج المعركة لأن نجاتها ليست على المحك بعكس القوى الضعيفة لديها مصلحة عظمى في نتيجة المعركة لأن نجاتها على المحك .يطبق هذا المنطق على حالة الولايات المتحدة عندما تدخلت في فيتنام ،فقد كان للولايات المتحدة قليل لتخسره مقارنة بفيتنام الشمالية اي أن نتائج  الحرب كانت غير متوقعة، ففشلت في هزيمة فيتنام ثم اجبرت على الانسحاب من قبل الشعب الامريكي الغاضب والمحبط .

لكن يوجد هناك نقاط ضعف لهذا التفسير حسب الكاتب تتمثل باولا: ان القوة النسبية  هي مؤشر ضعيف للمصالح النسبية أو الحل بالسلم أو الحرب، ففي وقت السلم قد تتصرف دولة قوية وكأن نجاتها على المحك بينما هي ليست كذلك لأن هناك علاقة بين بقاء الهوية وعلاقات الديمنو ،فهزيمة حليف في حرب اهلية بعيدة قد يكون غير مهم ماديا، لكن النتائج تكون مكثفة بمنطق الدومينو. 

ثانيا:ان ضعف العملية السياسية التي استخدمها ماك لتفسير إنتصار الأطراف الضعيفة تفترض مساحة للوقت، وهذا يدعونا للسؤال لماذا تنتهي بعض النزاعات الغير متكافئة بسرعة بينما تطول أخرى؟

ثالثا: إذا كانت اطروحة إختلاف المصالح صحيحة، فيجب أن يكون هناك قليل او لا يكون أي تفاوت مع مرور الوقت في توزع نتائج النزاعات الغير متكافئة حينما تكون القوة النسبية محمولة بشكل ثابت ،حيث الأطراف الضعيفة ينتصرون بشكل متزايد بالمجمل لاختلاف المصالح، اذا فاطروحة إختلاف المصالح ليست خطأ بقدر أنها غير مكتملة، وأكثر ضعفها حينما يتم تفسير فشل الأطراف القوية نتيجة للضعف السياسي. 

التفسير الرابع: الحساسية الإجتماعية الديمقراطية 

وهذا التفسير يقول ان نوع النظام يهم كثيرا لشرح هزيمة الطرف القوي فحسب جيل ميرون" لا تستطيع الديمقراطية القوية كسب الحروب الصغيرة لأن الدولة مقيدة بالمجتمع لتجنب التضحية اللازمة للكسب .

لكن الكاتب يقول ان هذه الاطروحة رغم ادلتها ودلالتها الا أنها تعاني من معظم المشاكل التي تخص اطروحة طبيعة الطرف. 

 فرضية التفاعل الاستراتيجي 

يبدأ الكاتب في شرح اطروحته الخاصة التي يفسر بها انتصار الأطراف الضعيفة في النزاعات  الغير متكافئة ،والاستراتيجية تعني خطط اللاعب لاستعمال القوات المسلحة ،أي ماهي الطريقة  التي يستخدمها المهاجم القوي والمدافع الضعيف ،هل الهجوم التقليدي المباشر(احتلال العاصمة ) او غير المباشر،(الحرب الهمجية ) وهل الدفاع التقليدي المباشر او غير التقليدي(حرب العصابات ).

الفرضية الأولى:الهجوم المباشر ضد الدفاع المباشر 

عندما يهاجم لاعبون اقوياء باستخدام منهج استراتيجي مباشر، ويدافع لاعبون ضعفاء باستخدام منهج استراتيجي مباشر ،فكل هذه لكونها متساوية تؤدي إلى فوز اللاعبين الاقوياء بسرعة وبشكل حاسم. 

الفرضية الثانية: الهجوم المباشر ضد الدفاع الغير مباشر 

عندما يهاجم لاعبون اقوياء باستخدام منهج استراتيجي مباشر، ويدافع لاعبون ضعفاء باستخدام منهج استراتيجي  غير مباشر ،فكل هذه لكونها متساوية تؤدي إلى فوز اللاعبين الضعفاء .

الفرضية الثالثة: الهجوم الغير مباشر ضد الدفاع المباشر 

عندما يهاجم لاعبون اقوياء باستخدام منهج استراتيجي غير مباشر، ويدافع لاعبون ضعفاء باستخدام منهج استراتيجي مباشر ،تؤدي إلى فوز اللاعبين الاقوياء .

الفرضية الرابعة : الهجوم الغير مباشر ضد الدفاع الغير مباشر 

عندما يهاجم لاعبون اقوياء باستخدام منهج استراتيجي غير مباشر (الهمجية )، ويدافع لاعبون ضعفاء باستخدام منهج استراتيجي غير مباشر(حرب العصابات) ،فكل هذه لكونها متساوية تؤدي إلى فوز اللاعبين الاقوياء بسرعة وبشكل حاسم.

الفرضية الخامسة 

من المرجح أن يفوز اللاعبون الاقوياء في منهج متماثل ويخسرون في منهج متعاكس 

المنهج المتماثل = مباشر- مباشر او غير مباشر-غير مباشر 

المنهج المتعاكس =مباشر-غير مباشر، أو غير مباشر- مباشر

الفرضية السادسة 

كلما كان اللاعب الضعيف أفضل تسليحا، كان مرجحا ان الطرف القوي سيخسر الصراع اللامتناسب. 

الفرضية السابعة أ

اللاعبون الاقوياء الفاشستيون يكسبون الحروب الغير متناسبة في اغلب الأحيان أكثر من اللاعبين الاقوياء الديمقراطيين. 

الفرضية السابعة ب 

اللاعبون الاقوياء الفاشستيون يكسبون الحروب الغير متناسبة التي يستخدم فيها اللاعب الضعيف استراتيجية غير مباشرة في اغلب الأحيان أكثر مما يفعل اللاعبون الاقوياء الديمقراطيين. 

الفرضية الثامنة: القوة المادية النسبية توضح المصالح النسبية في صراع لا متناسب. 

الفرضية التاسعة : اللاعبين الاقوياء الديمقراطيين والفاشستيين يشاركون بشكل متساو في عدم الحصانة السياسية في صراع لا متناسب طويل الامد. 

ثم يذهب الباحث لاختبار فرضياته اختبارا كميا على نتائج الصراع والحروب السابقة، ويختبر هذه الفرضيات ويشرحها بشكل أوسع على حروب روسيا في القوقاز، وبريطانيا في وسط جنوب إفريقيا وشمال شرق افريقيا، والحرب الإيطالية الاثيوبية، الولايات المتحدة الأمريكية في فيتنام، إتحاد الجمهوريات الاشتراكية في افغانستان والحرب الأهلية الأفغانية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فن الحرب | سون تزو

فن العيش الحكيم | شوبنهاور

الإنسان والبحث عن المعنى | فيكتور فرانكل